الأحد، 2 فبراير 2014

أفكار حول الماركسية والطبقة العاملة .

إن الثوريون الماركسيون (التعميم ليس مطلق) ينظرون إلى الطبقة العاملة نظرة ملائكية قريبة إلى المثالية الحالمة، ينظرون إليها كجوهر تابث لا يصيبه تغير ولا تحول ولا تطور. يقولون أن طبيعتها ثورية دوما وخيارها ثوري بالفطرة.

  ولكن كيف نفسر إنجرافها مع "الاصلاحيين" و"الانتهازيين" و "المغامرين " و ...إذا كانت الطبقة العاملة بطبيعتها هي طبقة ثورية صاحبة الايديولوجيا الاشتراكية، فأتوماتيكيا يجب أن تكون في تناقض مع هؤلاء الذين يقودونها بدون أن تحتاج إلى مثقفين أو طليعة توجهها، في حين أن الواقع يشهد عكس ذلك. بالإضافة إلى هذا، نحتاج إلى تفسير حاجتها المستمرة إلى الطليعة المثقفة التي تنقل لها الوعي بالتغيير. إن هاته التحليلات الممجدة والمقدسة للطبقة العالمة تتناسى المعطيات الواقعية وتسقط في فخ النظرة الميتافيزيقية للطبقة العاملة مما يعطينا أخطاء في الشعارات والقراءات والبرامج ... فهل هذا خطأ في صلب الماركسية ؟

  كلنا نعلم أن الماركسية الاوربية - وهذا التحديد الجغرافي مقصود- كما عند ماركس ارتكزت وأسست عنوان تغييرها على قاعدة بشرية طبقية هي الطبقة العاملة، اعتبارا للشروط الاقتصادية التي كانت تعرفها الرأسمالية في مرحلتها الانتقالية تلك، ولكن هل اعتبر ماركس الطبقة العاملة هي طبقة متعالية مستقلة بذاتها ولذاتها واعية بشكل فطري لمهامها أو كما يقول البعض لراسلتها التاريخية (وكأن التاريخ شخص واعي كلف البروليتاريا بتبليغ الرسالة الدينية ليختم بها نهاية التاريخ وهي الشيوعية - تسرب منطق لاهوتي في فلسفة مادية-)، الاجابة وهي أننا لا نجد ذلك في كتابات كارل ماركس، بل ما نجده وهو أن هذه الطبقة تحمل مهام التغيير نظرا للشروط البنيوية التي امتازت بها أوربا في تلك المرحلة، إذا تغيرت هذه الشروط تتغير الخلاصات، وهذا ما حدث في الصين مثلا من خلال الارتكاز على الفلاحين عوض عمال المدن ... إذا نحن أمام منهج يراعي التغيرات الحاصلة في تاريخ المجتمعات والحاصلة من حدود جغرافية/سياسية إلى أخرى (الجغرافيا السياسية).

   فالحاصل في كتبات كارل ماركس هو أن الحامل للفكر الثوري -في البدايات- والمنتج له ليست الطبقة العاملة بل المثقف سواء أكان برجوازيا أو بروليتاريا أو برجوازي صغير، ففي إنتاج الفكر الثوري والفكر عموما لا يتدخل البعد الطبقي في تحديد تفكير ذلك الفرد أو ذاك، بل يرتبط البعد الطبقي بالفكر في الغاية من ذلك الفكر أو أي جهة يدافع عنها ذلك الفكر، إذ الفكر في حد ذاته تحدده الخلفيات المعرفية/الفلسفية والسيكولوجية (التضامن مع المضهدين والمسحوقين) والسياسية، بمعنى أكثر وضوحا أنه ليس بمجرد أن مفكرا ما ينتمي طبقيا للبرجوازية محكوم عليه بعدم إمكانية أو ليس له الحق في الانتماء والمساهمة في الفكر التغييري، بل نجد العديد من الاشخاص المدافعين عن قضايا التغيير ولكن طبقيا ينتمون إلى الفئات المسؤولة عن عرقلة قضايا التغيير.

  إذا الموقف الثوري أو عموما موقف التغيير لا تنتجه الطبة العاملة التي من مصلحتها التغيير، بل ينتجه المثقف الذي يستقرأ الفكر كما فعل ماركس فيما يخص الماركسية - إذ استخلص مجموعة من المقولات والاراء انطلاقا من قراءة أوطاع الطبقة العاملة، وليست هي التي أنتجت لذاتها فكر الماركسية- هذا المثقف هو المعني بإيصال فكر التغيير للطبقة العاملة لتنتقل من حالة "في ذاتها" إلى "لذاتها".

هناك تعليقان (2):

  1. موضوع ماتع , واليسارية فكرة عظيمة ولكن تم تفسيرها وترجمة بشكل سيء , بسبب المحاميين الفاشلين له

    ردحذف