الأحد، 12 يناير 2014

في مفهوم "الحزب": مقال في التعاريف والمناهج.


  سنحاول في مقالنا هذا التطرق لموضوع "الحزب" من خلال قضية التعريف وقضية مناهج دراسته، ونحن لا ندعي الشمولية ولا الاحاطة، غير أننا سنعطي بعض الافكار كمساهمة في النقاش والحوار.
  يعتبر مفهوم "الحزب"  مفهوما معقدا ومتعدد الابعاد، وذلك لارتباطه الشديد بالممارسات والصراعات السياسية التي تتعدد مرجعياتها الفكرية والنظرية، والمختلفة أيضا من ناحية الاصول الاجتماعية، وهذا يعني تعدد المصالح سواء الاقتاصدية أو السياسية التي تكيف مفهوم الحزب واستعمالاته حسب المنظورات الخاصة لكل فئة على حدى.
  عموما، في نظري يمكن تقسيم المناهج التي تتطرق لدراسة "الحزب" إلى منهجين في التحليل، فهناك التحليل النموذجي  (بناء على نماذج الاحزاب) وهناك التحليل الوظيفي (بناء على وظائف الاحزاب).
  فهناك بعض المؤلفين يركزون في تحليلهم على جانب واحد مثل موريس دوفرجيه، الذي يفضل التحليل البنيوي(النموذجي) ويهمش التحليل الوظيفي في كتابه "الاحزاب السياسية"، وهناك من ينطلق من التحليل النموذجي ويستوعب في إطار تحليلاته الجانب الوظيفي. ويعتبر جورج لافو من المفكرين الذين يعتبرون التحليل النموذجي بدون جدوى ولا فائدة، وإنما يجب أن ندرس الظاهرة الحزبية انطلاقا من محددات تاريخية واقتصادية وثقافية، بعبارة أخرى فهو يرفض المنطق الذي يبحث عن التوابث في الظواهر (المنهج البنيوي) لأنها محكومة بالتغير، لذلك فأي محاولة لفرض منطق تابث على واقع متحرك متغير ستصاب بالفشل أو سينتج لنا أوهاما وأخطاء.
  رغم صحة بعض أفكار تيار جورج لافو، فإنهم يهملون بعض إسهامات المدرسة النموذجية –البنوية التي أثبتت فائدتا ومردوديتها التحليلية.
  غير أنه في ظل سياق التنافس ما بين هذين المنهجين، سيظهر تيار اخر سيحاول التوفيق ما بين المنهج النموذجي والمنهج الوظيفي، بدعوى استفادة المناهج من بعضها البعض في إطار رؤية تكاملية جدلية للمناهج، وهو منهج يحاول أن يستفيد من النقط الايجابية لكل مدرسة ويركبها في تركيب منسجم لتظهر لنا رؤية جديدة مغايرة.
  أما فيما يخص التعريف، فنجد نوعين من التعاريف يغلب على أغلب المفكرين في مجال السياسة:
1- التعريف الذاتي: وهو التعريف الذي تكونه القوى الفاعلة الحزبية من ذاتها ولذاتها، وهنا الحزب يعبر عن ذاته مباشرة ، وهذا الامر يتلخص في سؤال من نحن؟
2- التعريف الموضوعي: وهو تعريف يبديه من هو خارج مجموعة القوى الفاعلة الحزبية، فهي رؤية خارجية/ برانية، ويكون صاحب الرؤية في تعريفه إما موافقا للتعريف الذاتي أو مخالفا له.
  وحسب لابلميار وفينر فإن تعريف الحزب  يجب أن يرتكز على أربعة شروط حتى يمكن أن نطلق صفة الحزبية على مجموعة ما:
"- تنظيم دائم، أي تنظيم يعد أمله وافاقه في الحياة السياسية أعلى من أمل وتطلعات قادته وزعمائه في وقت محدد؛
- فروع محلية وطيدة بشكل جيد، ودائمة ظاهريا، وتقيم صلات منتظمة ومتنوعة مع المستوى القومي؛
- إرادة واعية للقادة القوميين والمحليين للتنظيم، لأخد السلطة وممارستها، لوحدهم أو مع الغير، وليس فقط التأثير على السلطة؛
- الاهتمام بالبحث عن الدعم الشعبي من خلال الانتخابات أو بأية طريقة أخرى."
  وإذا أخدنا بعين الاعتبار معايير لابلمبار وقينر فسنستنج أن هناك خط فاصل ما بين الاحزاب وهي التي تتطلع للاستيلاء على السلطة، والتنظيمات التي لا تتطلع لذلك وإن شاركت في الحياة السياسة وصراعاتها، فهذا الفصل والتقسيم ينتج لنا على المستوى التحليلي فئة أخرى متمايزة عن الاحزاب، وهي ما يطلق عليها بـ"مجموعات الضغظ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق