الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

في هذا الوطن كلنا مختصبون.

  في هذا الواقع الذي أحب أن يلبس رداء السواد، في هذا الواقع الذي عشق الليل وكره ضياء النجوم، من الغريب فيه أن نحلم بشيء جميل، أن نطالب بالقمر والشمس بالحب والجمال. هذا الوطن شخصا اختاروا أن يجعلوا وجهه علامة للبشاعة والكره والظلم. كيف لا وأجمل شيء فيه لم يستطع أن يحميهم، إنهم أطفاله وأبناءه الصغار. إن ما حدث ويحدث هو جزء صغير من بشاعة الجرائم المرتكبة في حق أبناء ونساء ورجال هذا الوطن. إننا جميعا ضحايا لدانييل الأكبر، كل يوم يمارس الإختصاب في اقتصادنا وسياستنا وثقافتنا، كل هذه الأشياء أصبحت مختصبة. نعم، يجب أن ننتفض لما حدث ولكن لا ننسى أنه بجوارنا ألاف من أشباه دانييل الذين لا يعرفون ما نقول لا يعرفون الرحمة ولا الكرامة ولا العدالة لا لا لا كل هذا مجرد تراهات وهراء، المهم عندهم أن يكونوا الهة هذه الأرض من نوعية الشياطين. إننا جميعنا نعاني الاختصاب تعددت المظاهر والمضمون واحد.
   وللإختصاب مساند رسمي وراعي يرعاه وحامي يحميه. إنها كارثة أن يحصل ما حصل ولكنها كارثة أعظم أن ننسى بسهولة أن نثق بسهولة وغباء، أن يعيدوا الكذبة تلو الأخرى ونحن نشاهد وفقط. إنها مصيبة وكارثة أن نختزل جميعا في كلمة "نعم"، أن تمحى "لا" من معجمنا، أن يمحى الشك والرفض من قاموسنا. كيف سنفهم بأننا جميعا بشر والبشر يخطئ، كيف سنفهم بأن الحاكمين ليسوا من صنف الالهة ولكنهم بشر كذلك. ما جدوى الاعتذار حينما يعني مزيدا من الظلم، كيف سيكون هذا الاعتذار الاتي من أفواه ملأتها روائح الكذب والظلم. نعم ما نطالب به رائع وجيد ولكن لا تنسى بأنك في مستنقع نتن، كيف تطالب التمساح أن يبكي دموعا حقيقية.
  جميل أن نحلم بالأفضل فهم يكرهون الحلم، ولكن الكوابيس بدأت تزاحم أحلامنا، ألأننا قلة أم أن حلمنا أصبح حلما وفقط. هل حتى أحلامنا بدأت تختصب. لا ندري ماذا نفعل وكيف سنسير بعد كل هذا، كيف سنواجه غذنا كيف سنجيب على مستقبلنا. كل الأشياء أصبحت مبهمة وغامضة خائفة من أن تنطلق فتطالها يد الإختصاب. وما أخطر المختصبين عندنا، إنهم لا يشبعون ولا يهنئون.
  الوجوه عديدة والمتهمون كثرة، كل يبرأ دمته، ولكن أليست هذه نفسها لعبة متقنة الصنع، أليست مسرحية جد واقعية، أليس من الغرابة أن نصبح دوما مشاهدين بلهاء مشاهدين من النوع الرديء.

في ظل هذا الواقع المفعم بالانحطاط، أمام أمل مختصب وحياة مختصبة بدون أدنى مقومات، حياة أصبح الشباب يعتبرها لا تستحق أن تعاش، حياة غلقت جميع أبوابها ونوافذها حتى أصبح غذنا ومستقبلنا هو الحاضر يكرر نفسه في مشهد كاريكاتوري بالأسود والأبيض. في هذه الخزانة المظلمة التي اسمها وطن كلنا مختصبون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق